دور الغذاء في زيادة التوتر
إن التعرّض للضغوطات المختلفة هو جزء أساسي من الحياة اليومية، وما أكثر الأمور التي تبعث على القلق والتوتر في أيامنا هذه! إن اختبار مثل هذه المشاعر من فترة لأخرى أمر طبيعي جدًا، لكن عندما نتعرض لمستويات عالية منها ويستمر ذلك لفترات طويلة فإنه يترك آثارًا سلبية بل وحتى مدمرّة على صحتنا النفسية ومن ثم الجسدية فذلك يضعف المناعة ويزيد خطر الإصابة بالكثير من الأمراض وعلى رأسها الأمراض القلبية. لذا تعتبر القدرة على العمل تحت الضغوطات والتعامل مع التوتر وإدارة الأزمات من أهم أسرار الحفاظ على صحة جيدة ومن أبرز مقومات النجاح سواء على الصعيد المهني أو حتى العائلي.
وهناك العديد من العوامل التي قد تلعب دورًا مهمًا في زيادة مشاعر القلق والتوتر لديك أو تقليلها، إحداها هو النظام الغذائي، وهو ما سنركز عليه في مقالنا هذا، فمثلما هناك أغذية تساعد على مكافحة التوتر والقلق بالمقابل هناك أغذية أخرى قد ترفع مستوياتهما.
في البداية لا بد أن نوضح أن الأعراض المترافقة مع التوتر والقلق والإجهاد (مثل: النرفذة والهياج والعصبية وضيق التنفس ونوبات الهلع وصعوبة التركيز وخفقان القلب وارتفاع ضغط الدم والتشنج العضلي) تنتج عن تأثيرات بعض الهرمونات مثل هرمون الكورتيزول والأدرينالين والنورأدرينالين واللاتي يزداد إفرازها خلال التوتر والقلق والضغوطات لذا فهي تدعى بهرمونات التوتر.
من أهم الأغذية التي ترفع من مستويات هرمونات التوتر وتزيد من مشاعر القلق والتوتر:
- الكافيين: من المعروف أن تناول الكافيين يؤدي إلى زيادة مستوى التنبّه واليقظة، لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون؛ أن ذلك يعود إلى تحريضه على زيادة إفراز هرمون النورأدرينالين الذي يعتبر أحد هرمونات التوتر ويترافق مع ظهور أعراض مثل: توسع حدقة العين وارتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة التنفس والتوتر والعصبية والأرق. ويجدر بالذكر أن الكافيين لا يتواجد فقط في القهوة والشاي، بل أيضًا في المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة.
- السكر المكرر: لا تنخدع بالشعور بالطاقة والنشاط الذي يترافق مع تناول السكر المكرر الموجود في الحلويات والمشروبات الغازية فهو إحساس عابر ومؤقت لا يستمر سوى فترة قليلة جدًا تتراوح من نصف ساعة إلى ساعة لا يلبث أن يتبعها شعور بالتعب والإعياء والوهن. إذ يؤدي تناول السكر المكرر إلى حدوث ارتفاع سريع ومؤقت في مستوى سكر (جلوكوز) الدم سرعان ما يتبعه انخفاض سريع ومفاجئ أيضًا الأمر الذي يترافق مع الشعور بالتعب ويقود لمشاعر التوتر والقلق، فعدم انتظام مستويات سكر الدم يؤدي إلى زيادة في إفراز هرمونات التوتر والقلق والضغوطات مثل هرمون الكورتيزول وهرمون الأدرينالين وغيرهما. لذا فإن كان لديك يوم حافل وطويل احرص على أن تبدأه بتناول كربوهيدرات طبيعية مثل السكريات الموجودة في الفواكه والحبوب الكاملة والخضار فهي تمدّك بطاقة مستمرة لفترة طويلة نسبيًا ومستقرة دون تذبذب.
- الملح المكرر: إذ يؤدي تناول الأطعمة عالية المحتوى من الملح المكرر (كلوريد الصوديوم) إلى حدوث ارتفاع في ضغط الدم مما يزيد العبء على العضلة القلبية ويسبب بدوره الإجهاد القلبي الذي يترافق مع زيادة إفراز هرمون الأدرينالين المعروف بأنه مسؤول عن ظهور أعراض التوتر والقلق. لذا ننصحك بالابتعاد عن تناول الملح المكرر واستبداله بالملح الطبيعي البحري أو الصخري وتعويد نفسك على قراءة الملصقات الغذائية عند شراءك للأطعمة الجاهزة حتى تعرف مقدار ما تحتويه من ملح.
- الوجبات السريعة: على الرغم من طعمها المُستساغ ومظهرها الشهي ورائحتها الزكية، إلا أن تناول الوجبات السريعة ينطوي على مخاطر صحية عديدة، فهي لا تحتوي على مغذيات وفي نفس الوقت تكون عالية المحتوى من السعرات الحرارية نظرًا لمحتواها من الدهون المهدرجة والسكر المكرر والملح الصناعي. كل ذلك يساهم في زيادة مستوى هرمونات التوتر والقلق. لذا ينصح باستبدالها بأطعمة صحية مغذية. خذ الوقت الكافي لإعداد الأطباق الشهية من السلطات والوجبات اللذيذة المغذية، وهي كثيرة ولا تحتاج منا سوى إطلاع ومعرفة وقليل من الوقت والتركيز دون بذل الكثير من الجهد، مع بعض التجهيز المسبق نستطيع إعداد الكثير من الأطباق والاستمتاع صحيًا ونفسيًا وفي نفس الوقت نسعد بالوزن المثالي والجسم الرشيق.
- المواد الحافظة والملونة: هي مواد كيمائية تستخدم لتحسين نكهة المنتج أو لونه أو حتى رائحته ومن شأنها إطالة عمر المنتج وزيادة فترة صلاحيته. وقد ربطت العديد من الدراسات بين هذه المواد المضافة والشعور بالتوتر والقلق.
- الكحول: بعكس ما يعتقده البعض أن للكحول تأثيرات مهدئة للأعصاب وتساعد على الاسترخاء، فهو في الحقيقة يؤثر على سلبًا على نسبة الماء الموجودة في الجسم فيساهم في حدوث التجفاف ويؤدي كذلك إلى حدوث اضطرابات في النوم مما يؤدي إلى ظهور أعراض التوتر والقلق.
في المرة القادمة التي تشعر فيها بالقلق والتوتر والضغوطات توقف عن البحث عن أسبابها الخارجية وابدأ بمراجعة نظامك الغذائية قبل أي شيء آخر، فإن اختياراتنا الغذائية – كما أسلفنا – لها دور محوري فيما نشعر به وتختبره أجسادنا، والأمر عائد لنا في أن نجعل الغذاء عامل إجهاد وتعب إضافي لأجسادنا أو سلاحًا يساعدنا في مكافحة الأمراض والتمتع بصحة جيدة وحياة ممتعة مريحة خالية من التوتر والضغوطات.
المصادر:
- https://www.healthline.com/health/mental-health/surprising-foods-trigger-anxiety#2
- https://www.webmd.com/depression/ss/slideshow-avoid-foods-anxiety-depression#:~:text=If%20you%20eat%20lots%20of,on%20a%20more%20even%20keel.