هل الثوم يقوي المناعة؟

هل الثوم يقوي المناعة

هل الثوم يقوي المناعة؟ دائمًا ما يسعى الجندي لحماية أرضه ضد كل معتدٍ، فهو الحصن المنيع الذي يقاوم الأعداء دائمًا وأبدا، كذلك هي المناعة بجسم الإنسان. تُعد المناعة هي خط الدفاع الأول الذي يقاوم مختلف الأمراض التي قد تصيبنا، كذلك يحمينا من الهجمات المتكررة للميكروبات التي تشكل خطرًا على حياتنا. لذا الاهتمام بتقوية المناعة من الأمور الهامة التي تعتمد عليها سلامة صحتنا، فاتباع نظام غذائي يحتوي على عناصر غذائية لتقوية المناعة هو أولى خطوات السلامة.

هنا بهذا المقال سوف نتحدث عن أكثر النباتات العشبية شهرة بتقوية المناعة ألا وهو الثوم، إذ يُستخدم في كثير من الأطعمة ويدخل في تصنيع بعض المستحضرات الطبية. ولكن هل الثوم يقوي المناعة حقًا؟ هذا ما سنناقشه بالسطور القادمة.

ما هو الثوم (Garlic (Allium Sativum؟

يعد الثوم من أقدم النباتات التي اهتم بزراعتها الحضارات القديمة كالحضارة المصرية، واليونانية، والهندية، والرومانية، وتعود أصول زراعته لوسط آسيا ثم انتشاره بعد ذلك بالصين. يتميز الثوم برائحته النفاذة المميزة، ويدخل في الكثير من الأطعمة والعلاجات الطبية المختلفة أيضًا بجميع أنحاء العالم منذ القدم وإلى وقتنا هذا. ينتمي الثوم لعائلة Liliaceae ويسمى Allium Sativum، إذ تعني كلمة Allium الحارق أو اللاذع وهي كلمة لاتينية، أما Sativum فتعني المزروع.

استُخدم الثوم أيضًا لآلاف السنين بالطب الشعبي بالحضارة المصرية القديمة، إذ عُثر على بردية قديمة تسمى بردية أيبرس The Codex Ebers) ) يرجع تاريخها لعام 1550 قبل الميلاد، هذه البردية تحتوي على الكثير من الاستخدامات الطبية للثوم لعلاج بعض الأمراض كأمراض القلب والصداع وغيرها. (1)

ولنتعرف على المواد الفعالة الأساسية بالثوم ونرى مدى تأثيرها على المناعة حتى نستطيع الإجابة على سؤال مقالنا هل الثوم يقوي المناعة؟

المواد الفعالة الأساسية بالثوم وتأثيراتها الطبية

  • 33 نوع من مركبات الكبريتات وهي المركبات الأساسية بالثوم مثل: Alliin & Allicin ولهم خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات وعلاج للسرطان، وهما المواد المسؤولة عن الرائحة النفاذة للثوم.
  • مركب Ajoene، وهو مركب كبريتي غير متطاير (nonvolatile sulfur compound) مستخرج من مادة Allicin وله خصائص مضادة للفطريات وتستخرج منه مركبات ذات خصائص مضادة للالتهاب.
  • بعض الفيتامينات مثل: vitamin c وله خصائص مضادة للأكسدة ومقوية للمناعة. (2) (3) (4)

فوائد الثوم للمناعة السريرية المحتملة

  1. الثوم مضاد للميكروبات كالبكتيريا والفيروسات والفطريات.
  2. الثوم فعال في علاج الالتهابات.
  3. الثوم عامل مساعد في علاج بعض أنواع السرطان. (5) (6)

الدلائل العلمية لفوائد الثوم للمناعة

المعلومة: الثوم فعال في مهاجمة الميكروبات

هناك بعض الدراسات التي أُجريت بمستشفى SSG Vadodara على عدد من الميكروبات الشائعة المعزولة بالمستشفى، للتأكد من الخصائص المضادة للميكروبات لمستخلص الثوم.

فقد أُضيف مستخلص الثوم لهذه الميكروبات بالحد الأدنى للتركيز الذي يضعف انتشار الميكروب وتسمى طريقة الانتشار، ثم إضافته لمجموعة أخرى من الميكروب بالحد الأدنى القاتل للميكروب وتسمى طريقة التخفيف.

بعد مرور فترة من الوقت زاد تأثير المحلول على انتشار الميكروب بنسبة من 4 إلى 16%، وزادت نسبة موت الميكروب بنسبة من 4 إلى 32% خاصة بميكروب E.coli & S.aureus، مما يشير لاحتمالية فاعلية الثوم ضد الميكروبات. (7)

وفي دراسة مجمعة استعرضت عدة براءات اختراع حديثة حول تأثير الثوم المضاد للميكروبات، وأشارت جميعها إلى فعالية الثوم المضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات، وأثبتت أن الثوم مضاد للأكسدة وللأورام ومقوي لجهاز المناعة.

وأثبتت بعض الدراسات المخبرية أن مركبات الكبريتات (Sulfur Compounds) الموجودة بالثوم تعمل على تنشيط الاستجابة المناعية بالجسم ضد الفيروسات.

المعلومة: يساعد الثوم على علاج الالتهابات

أشارت بعض الدراسات إلى فعالية مستخلص الثوم في علاج التهاب الأمعاء، وأن وجوده بتركيزات مختلفة بالدم يقلل من إنتاج المواد المسببة للالتهاب (Inflammatory cytokines) ويساهم في علاج التهاب الأمعاء بنسبة كبيرة.

ونشرت دراسة أخرى أحدث النتائج التجريبية على الثوم والتي تُشير إلى فعاليته في معالجة الالتهابات وتعزيز عمل الجهاز المناعي عن طريق تحفيز أنواع معينة من الخلايا الليمفاوية المناعية والخلايا القاتلة.

وأثبتت أن للثوم تأثير وقائي وعلاجي في بعض الأمراض مثل السمنة، ومتلازمة التمثيل الغذائي، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الجهاز الهضمي، والسرطان.

وأفادت بعض الدراسات بإمكانيات الثوم العلاجية المضادة للالتهابات من خلال مركبات الكبريتات التي تعمل على تثبيط عوامل الالتهاب.

المعلومة: قد يساهم الثوم في علاج بعض أنواع السرطانات

أُجريت بعض الدراسات على مجموعة من النساء يحرصون على إضافة الثوم إلى غذائهم اليومي، إذ ظهر انخفاض بمعدل إصابتهن بسرطان القولون. وهناك دراسات أخرى أُجريت لإثبات فاعلية عقار Tamoxifen في علاج الأورام، ولكن ظهرت نتائج أكثر فاعلية لهذا العقار عند استخدام مستخلص الثوم معه كمكمل غذائي.(8)

وأثبتت دراسة مخبرية النشاط البيولوجي للأجوين Ajoene)) في مكافحة السرطان، وأقرت نتائج الدراسة أن هذا التأثير قد يفتح الطريق لتطوير عوامل مضادة للسرطان تعتمد على مستخلصات الثوم. واستعرضت بعض الأبحاث الوظائف الفسيولوجية للثوم كمضادًا لتخثر الدم ومضادًا للسرطان، وأثبتت أن تناول الثوم الطازج مفيدًا وفعالًا في حماية الجسم من الجلطات والأورام.

وقيمت إحدى الدراسات المخبرية تأثيرات المركبات المشتقة من الثوم في مكافحة سرطان الثدي، وأشارت النتائج إلى أن المركبات القابلة للذوبان في الزيت والمشتقة من الثوم ، مثل ثنائي كبريتيد الديليل (Diallyl Disulfide) أكثر فعالية من المركبات القابلة للذوبان في الماء في قمع سرطان الثدي.

وشملت آليات العمل تنشيط الإنزيمات الأيضية التي تزيل السموم من المواد المسرطنة، وقمع تكوين اقتران الحمض النووي، وتثبيط إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية، وتنظيم إيقاف دورة الخلية وتحريض موت الخلايا المبرمج. وأفادت أيضًا الدراسة بأن مستخلص الثوم يقلل من الآثار الجانبية التي تسببها العوامل الأخرى المضادة للسرطان، وبالتالي فغن المركبات المشتقة من الثوم قد تكون علاجًا واعدًا لمكافحة سرطان الثدي.

وبعد طرح العديد من الدلائل العلمية التي أفادت بفعالية الثوم في مكافحة الميكروبات والالتهابات والأورام، نستطيع الإجابة عن سؤال مقالنا هل الثوم يقوي المناعة؟ نعم، فالثوم معزز قوي للمناعة وعامل وقائي للجسم من الأمراض.

مأمونية الثوم الدوائية (Medical Safety)

التأثيرات العكسية (Adverse effects):

أشارت بعض التقارير إلى أن الثوم قد يسبب بعض الآثار العكسية ومنها:

  • الشعور بالغثيان والقيء.
  • حرقة بالمعدة.
  • زيادة خطر التعرض للنزيف.
  • رائحة النفس الكريهة.
  • وعند استعماله موضعيًا قد يسبب تهيج واحمرار بالجلد.

أمّا بخصوص فائدة الثوم للحوامل، أفاد بعض الباحثين بفعالية الثوم في الوقاية من خطر الإصابة بتسمم الحمل حيث أنه يساعد على خفض الضغط. ولكن الأبحاث في هذا الصدد ضعيفة ولا يوجد أيضًا ما يفيد بمأمونية الثوم للحامل، وبالتالي ننصح بمراجعة الطبيب قبل تناول مكملات الثوم الغذائية أثناء فترة الحمل والرضاعة. ويوجد بعض التحذيرات من تناول الأطفال مكملات الثوم، ولذلك ننصح بمتابعة الطبيب قبل إعطاء أي أدوية مقوية للمناعة تحتوي على الثوم للأطفال.

التداخلات الدوائية (Drug Interactions):

أثبتت عدة دراسات أن هناك بعض التداخلات الدوائية للثوم مع بعض الأدوية الأخرى، فمنها المحظور تناولها معه نهائيًا، ومنها المسموح بها ولكن بجرعات محددة. إذ عند تناول مستخلص الثوم مع هذه الأدوية يساعد على سرعة تخلص الجسم منها؛ مما يقلل من امتصاصها بالجسم وبالتالي يقلل من تأثيرها الدوائي.

  1. الأدوية المحظورة مثل: أدوية أمراض نقص المناعة كالإيدز، وبعض الأدوية المضادة للفيروسات.
  2. الأدوية المسموحة بجرعات محددة مثل: مميعات الدم (warfarin)، ومثبطات المناعة (cyclosporine).

التأثير السُمّي (Toxicity):

أجرى بعض العلماء تجربة مخبرية لتوضيح التأثير السُمّي لمستخلص الثوم على الكبد وذلك على المدى الطويل من الاستعمال. تم استخدام جرعة تعادل 250 مجم/ كجم لمدة 28 يومًا متتاليين، ثم أخذ العلماء بعض الأنسجة من الكبد لتحليلها، وظهرت نتائج التحليل تلف أنسجة الكبد مع وجود عوامل الورم (Tumor necrosis factor)

أشكال جرعات الثوم

يمكنك تناول الثوم الطازج أو مكملات الثوم الغذائية إذا كنت لا تستطيع تحمل رائحة الثوم في الفم.

جرعات الثوم لتقوية المناعة

أقرت بعض الدراسات أن الجرعات اليومية المناسبة لتناول الثوم لتحسين المناعة هي:

  • جرعة الثوم الطازج: من فصين إلى ثلاثة فصوص يوميًا يقوي المناعة.
  • جرعة مكملات الثوم تختلف باختلاف السن وسبب تناولها لذا من الأفضل استشارة الطبيب قبل تناول الجرعات.

هل بلع الثوم يقوي المناعة؟

أثبتت بعض الدراسات أن بلع فص من الثوم يقوي المناعة ويساعد على مقاومة العدوى أكثر من تناول الثوم المجفف أو مستخلص الثوم الصيدلاني. إذ إن مضغ الثوم الطازج له تأثير أسرع في امتصاص الجسم للمادة الفعالة (Allicin) التي تلعب دورًا هامًا في تحسين الأداء المناعي.

الخلاصة: هل الثوم يقوي المناعة؟

وأخيرًا… هل الثوم يقوي المناعة؟ لقد قدمنا لك الكثير من الدلائل العلمية التي تشير إلى دوره المناعي الهام، والتي تُزيل الشكوك تجاه أهمية الثوم للجهاز المناعي. لذا ننصح دائمًا بالحرص على إدراج الثوم بنظامنا الغذائي بكميات مناسبة حتى تستطيع الحصول على فوائده الصحية وخاصة المناعية، فصحتنا هي ملاذنا للعيش بسعادة واستقرار.

المراجع:

  1. Block E. The chemistry of garlic and onions. Sci Am. 1985;252(3):114–21.
  2. Londhe VP. Role of garlic (Allium sativum) in various diseases: An overview. Angiogenesis. 2011;12:13.
  3. Percival SS. Aged garlic extract modifies human immunity. J Nutr. 2016;146(2):433S–436S.
  4. Yadav S, Trivedi NA, Bhatt JD. Antimicrobial activity of fresh garlic juice: An in vitro study. Ayu. 2015;36(2):203.
  5. Arreola R, Quintero-Fabián S, López-Roa RI, Flores-Gutiérrez EO, Reyes-Grajeda JP, Carrera-Quintanar L, et al. Immunomodulation and anti-inflammatory effects of garlic compounds. J Immunol Res. 2015;2015.
  6. Gedik N, Kabasakal L, \cSehirli Ö, Ercan F, Sirvanc\i S, Keyer-Uysal M, et al. Long-term administration of aqueous garlic extract (AGE) alleviates liver fibrosis and oxidative damage induced by biliary obstruction in rats. Life Sci. 2005;76(22):2593–606.
  7. Mansell P, Reckless JP. Garlic. BMJ Br Med J. 1991;303(6799):379.
  8. Agarwal KC. Therapeutic actions of garlic constituents. Med Res Rev. 1996;16(1):111–24.
العودة إلى المدونة